وصل إلى تلك البئر الجافة، توقف للحظة في ثبات وصمت مطبق، مسندا كفيه على حافتها الصخرية، رافعا رأسه متطلعا إلى السماء بطولها وعرضها، باحثا في قلق عن ضالة ما، وما أن تأكد أنها لم تظهر بعد حتى تنهد في راحة وهو يخفض رأسه عن السماء، يحيد بناظريه عن ذاك البدر المكتمل بصدرها، منحنيا بجذعه نحو البئر، وبدأ في الهتاف بنبرة تحذيرية ترددت بصدى في جوفه، كأنما يحدث شخصًا ما بباطن البئر، رغم أن البئر جافة بلا ماء، ولا يسكنها إلا هوام الأرض أو خشاشها، منذ دهور طويلة:ساكن، ساكن، يا بئر سواكن ..بحشاكِ الحصى والعتمة..يا نذير الفراق والظلمة..فلا ماء ولا سكنى..جبيننا موصوم، وقلبنا ملكوم، و سرنا بجوفك مصون ..فلا غادر ، ولا خائن..إياك البوح يا سواكن، إياك البوح يا سواكن.*كررها الرجل ثلاثا بصوت قوي ونبرة تهديدية، قبل أن يعتدل مبتعدا عن حافة البئر، وقد أفرغ بداخله ما كان بداخل القربة من خمر معتقة، قبل أن يعود ليعتلي جواده من جديد، عائدا من حيث أتى.
وصل إلى تلك البئر الجافة، توقف للحظة في ثبات وصمت مطبق، مسندا كفيه على حافتها الصخرية، رافعا رأسه متطلعا إلى السماء بطولها وعرضها، باحثا في قلق عن ضالة ما، وما أن تأكد أنها لم تظهر بعد حتى تنهد في راحة وهو يخفض رأسه عن السماء، يحيد بناظريه عن ذاك البدر المكتمل بصدرها، منحنيا بجذعه نحو البئر، وبدأ في الهتاف بنبرة تحذيرية ترددت بصدى في جوفه، كأنما يحدث شخصًا ما بباطن البئر، رغم أن البئر جافة بلا ماء، ولا يسكنها إلا هوام الأرض أو خشاشها، منذ دهور طويلة:ساكن، ساكن، يا بئر سواكن ..بحشاكِ الحصى والعتمة..يا نذير الفراق والظلمة..فلا ماء ولا سكنى..جبيننا موصوم، وقلبنا ملكوم، و سرنا بجوفك مصون ..فلا غادر ، ولا خائن..إياك البوح يا سواكن، إياك البوح يا سواكن.*كررها الرجل ثلاثا بصوت قوي ونبرة تهديدية، قبل أن يعتدل مبتعدا عن حافة البئر، وقد أفرغ بداخله ما كان بداخل القربة من خمر معتقة، قبل أن يعود ليعتلي جواده من جديد، عائدا من حيث أتى.