تل السرمد محمد .ع. الشافعي الماضي لم يأتي بعد•شبق زاهد

تل السرمد

متاح

بدا كل شيء هادئًا، الشوارع تبدو شبه خالية، غير أنها ممتلئة بالأحلام عوضًا عن الشخوص، تزاحم السائرين نيامًا، طقس بارد كوجوه المتسكعين القلائل، جدران عتيقة للمنازل يتوسطها نوافذ زجاجية مستطيلة في هذا الحي الرتيب، شجر الصفصاف يُزين الطرقات بجانب أعمدة الإنارة الكلاسيكية، تكتسي أرض الطرقات ببلاط إنجليزي سداسي الأضلاع مرصوص بدقة بالغة، أسوار متوسطة الارتفاع تحيط بالمنازل، بحيرة صغيرة تجري بمنتصف الطرقات تمنحها حضورًا استثنائيا، لا تتغير نواميس الناس هنا أبدًا، رغم هذا الجمال والهدوء إلا أنك تشعر بالجمود والاكتئاب في كل لمسة حولك، تئن الأوراق على أغصانها الخلابة، تشتاق إلى جذورها التي تركتها في حدائقها الغناء وأتت إلى هنا رغما عنها، تسعى للتحرر كبقية البشـر مـن قـيـد اليـأس والضياع، الصغار نائمــون مكتحلة أعينهم بالبراءة، والكبار نصفهم نائم والنصف الآخـر ثـمـل، فـي ذلك الوقت كانت الرياح تتجه نحو الشمال عندما كان أمجد ينتظر السماء لتمطر، السحب ممتلئة كامرأة خبلى تريد الاذن بالخلاص، الخلاص ! أي مِنَّا لا يريد الخلاص، ولكن الخلاص إلى أين؟ جلس على كرسي وثير أمامه على الجدار المقابل له لوحة (ليلة النجوم) للرسام الهولندي فينسنت فان جوخ، وبجانبه معطف دانيلا، تلك المرأة المكسيكية التي لو أدركها شهريار لعلم أنه رجل أحمق، فهي ليست من الحقيقة كما أنها ليست من الخيال، بل أنت من حشايا الجنون.

تعليقات مضافه من الاشخاص

كتب لنفس المؤلف