اللاهوت السياسي : مقدمة نقدية سول نويمان السياسة•فكر سياسي
الدولة موضع سؤال•قيام وسقوط الديمقراطية المستبدة•المستقبل والسلطة : جدلية الإبداع والقهر•جذور الاستبداد في الفكر السياسي الوهابي : قراءة تحليلية•التكالب الجديد : القوى الوسطى والمعركة من أجل إفريقيا•الإسلام في شرق إفريقيا الألماني : جذور الاستعمار الديني•كيف تموت الديمقراطيات : ما يخبرنا به التاريخ عن مستقبلنا•دليل الحكم الرشيد بين السياسة العالمية والسياسة المحلية•الجهاد ضد الجهاد•استقطاب وتجنيد اﻷطفال بالتنظيمات اﻹرهابية•سادة البشر•الحرب والسلام والحرب - صعود الامبراطوريات وسقوطها
إن أطروحتي العامة في هذا الكتاب هي أن اللاهوت السياسي لا يدور حول مشكلة الدين في المجتمعات الحديثة بقدر ما هو إشكالية في السلطة ــ وكما سنرى ليست إشكالية السلطة متجسدة في مفهوم السيادة فحسب وإنما في الأشكال الحديثة من الحكم والاقتصاد والتقنية التي انبثقت مع ظهور الدولة الحديثة. فالدين في شكل غيابه في المجتمعات الحديثة يخلق مساحة من التعالي تظهر فيها أشكال جديدة من السلطة وتتكاثر. وهذه المساحة التي خلفها غيابه عن الفضاء السياسي العام هي التي تسعى أشكال السلطة الحديثة لملئها وإعادة احتلال مواقع التجاوز منها على وجه التحديد. وكوننا نشهد في الآونة الأخيرة عودة الدين إلى المجال العام لهو دليلٌ على انهيارٍ أو تناقضٍ في النظام الرمزي في المجتمع ــ وهو تناقض تحاول السلطة حله أو التستر عليه باستحواذها على التجاوز الخيالي الذي يوفره الدين. وهذا لا يعني أن السلطة لا تستدعي الأيديولوجية الدينية في بعض الأحيان بشكل سافر فهي دائمًا ما تفعل ذلك. لكن اللاهوت السياسي يحيل إلى طريقة حاذقة تملأ بها السلطة الفراغ الذي خلفه الدين، وبذلك تستأثر لنفسها وبناها وخطاباتها المشرعنة وأنظمتها عن الحقيقة البعد المتعالي والمتجاوز للدين. ولذلك علينا فهم السلطة باعتبارها شكلًا من التعالي والتجاوز، أو قل شكل التعالي والتجاوز في المجتمعات الحديثة. فبدل أن يكون الدين سلطةً أصبحت السلطة دينًا. وإن كان ذلك كذلك، فإننا لن نحل مأزق اللاهوت السياسي ــ العروة التي يبدو ألا انفصام لها بين اللاهوت والسياسة ــ حتى نعثر على طرق إزاحة أشكال السلطة التي تحكم مجتمعاتنا الحديثة وتدعونا دائما إلى الطاعة والفداء، وأن نهرب منها ونتجاوزها
إن أطروحتي العامة في هذا الكتاب هي أن اللاهوت السياسي لا يدور حول مشكلة الدين في المجتمعات الحديثة بقدر ما هو إشكالية في السلطة ــ وكما سنرى ليست إشكالية السلطة متجسدة في مفهوم السيادة فحسب وإنما في الأشكال الحديثة من الحكم والاقتصاد والتقنية التي انبثقت مع ظهور الدولة الحديثة. فالدين في شكل غيابه في المجتمعات الحديثة يخلق مساحة من التعالي تظهر فيها أشكال جديدة من السلطة وتتكاثر. وهذه المساحة التي خلفها غيابه عن الفضاء السياسي العام هي التي تسعى أشكال السلطة الحديثة لملئها وإعادة احتلال مواقع التجاوز منها على وجه التحديد. وكوننا نشهد في الآونة الأخيرة عودة الدين إلى المجال العام لهو دليلٌ على انهيارٍ أو تناقضٍ في النظام الرمزي في المجتمع ــ وهو تناقض تحاول السلطة حله أو التستر عليه باستحواذها على التجاوز الخيالي الذي يوفره الدين. وهذا لا يعني أن السلطة لا تستدعي الأيديولوجية الدينية في بعض الأحيان بشكل سافر فهي دائمًا ما تفعل ذلك. لكن اللاهوت السياسي يحيل إلى طريقة حاذقة تملأ بها السلطة الفراغ الذي خلفه الدين، وبذلك تستأثر لنفسها وبناها وخطاباتها المشرعنة وأنظمتها عن الحقيقة البعد المتعالي والمتجاوز للدين. ولذلك علينا فهم السلطة باعتبارها شكلًا من التعالي والتجاوز، أو قل شكل التعالي والتجاوز في المجتمعات الحديثة. فبدل أن يكون الدين سلطةً أصبحت السلطة دينًا. وإن كان ذلك كذلك، فإننا لن نحل مأزق اللاهوت السياسي ــ العروة التي يبدو ألا انفصام لها بين اللاهوت والسياسة ــ حتى نعثر على طرق إزاحة أشكال السلطة التي تحكم مجتمعاتنا الحديثة وتدعونا دائما إلى الطاعة والفداء، وأن نهرب منها ونتجاوزها