الحداثيون : نشأتهم وأسباب انحرافهم شعبان طلعت عثمان دين إسلامي•الفكر الإسلامي التدرج وأثره في الإصلاح المجتمعي

لقد ظهرت في العصر الحديث دعوات لم تراع الضوابط والشروط العلمية لتفسير وتأويل الآيات القرآنية المُؤصّلة في كتب علوم القرآن وأصول الفقه، بل دعت إلى إهدارها والإخلال بها والتحلل منها، بل عملت على ليّ النصوص وإخراجها من إطارها الشرعي إلى معان مختلفة تحت ستار الرغبة في الإصلاح والتجديد، ويقولون – على زعمهم – أنهم إنما يرفضون التطرف الديني، والتزمت الديني!!، ويرددون بأنهم لا يريدون سوى الإسلام الصحيح! الإسلام الذي يتوافق مع الحضارة، ومع التقدم، ويساير الحضارة الغربية !!. ومن هذه الدعوات التي ظهرت ما يُعرف بالاتجاه الحداثي في قراءة الخطاب أو النص القرآني، وهذا الاتجاه لا يرضخ لأي سلطة حاكمة للقراءة والتفسير والتأويل – بما في ذلك الضوابط العلمية المؤصلة في كتب علوم القرآن وأصول الفقه – سوى سلطة القارئ للنص القرآني وحريته المطلقة في تأويله، وهذه دعوة صريحة من الاتجاه الحداثي لإعادة قراءة التراث التفسيري قراءة جديدة وفق مناهج غربية تخلص المسلم من أوهامه، وتحرره من قيوده، وتفسر القرآن تفسيرًا عقلانيا يساير آخر صيحات النظرية الغربية المعاصرة؛ إذ إن أعداء الدين قد أدركوا استحالة إلغاء الإسلام وإبادة أهله عن طريق القوة، فعمدوا إلى هذا الغزو الثقافي؛ لإشاعة المفاهيم والقيم الغربية ليحلوها محل الإسلام مستخدمين في ذلك من يتظاهر بالشفقة والإخلاص والحرص على الدين، فولجوا الباب من هذا المسلك المنحرف، فنفثوا بأساطيرهم على حقائقه؛ ليكدروا جماله ويشوهوا بهاءه، وما ذلك إلا استجابة لضغوطات الواقع، وبكل أسف فقد أثرت أفكارهم على عقول بعض المسلمين، فانخدعوا بها وحسبوا أن بإظهارهم الإسلام، وفق ما يريده الغرب يُحسن من صورة الإسلام لدى أصحاب الثقافة العصرية، ويدفع أهل الغرب لاعتناق الإسلام، وربما نسوا أن الإسلام هو الدين الحق الذي يحكم عقائد الناس وأفكارهم، وليس بحاجة إلى تزكية من أهواء البشر وتجاربهم