الإسلام المبكر ومولد الرأسمالية بيندكت كوهلر دراسات فكرية

يتتبع المؤلف الاصلاحات الاقتصادية التي قام بها النبي محمد في ضوء مسيرته التجارية المديدة وباعتباره سليل عائلة تجار من مدينة أقيمت على تمازج الدين والتجارة. ويبحث في ارتباط تلك الاصلاحات بدعوته الدينية، والمؤسسات التي أرسى أسسها وواصل إقامتها خلفاؤه والدول الاسلامية حتى القرون الوسطى. كما يبحث في العلاقات بين العالمين الإسلامي والمسيحي، ولاسيما المبادلات الاقتصادية وما نتج عنها من تأثر أوروبي مادي ومعرفي بالمؤسسات الاقتصادية الاسلامية، وهو ما أدى في رأيه إلى دخول الرأسمالية أوروبا وتجذرها فيها. يستلهم الكتاب أطروحة ماكس فيبر ويعدّلها، إذ ينتهي من حيث بدأ، أي من تأسيس الجمهوريات البحرية الإيطالية التي يرى أن تطورها ساهم فيه احتكاكها التجاري مع العالم الإسلامي وتأثرها به. ويربط المؤلف ظهور الرأسمالية بتطور ذهنية تحض على المبادرة والمغامرة، وقد كانت قائمة لدى عرب شبه الجزيرة قبل ظهور الإسلام وتعززت بعد ظهوره. ومن مباعث تلك الذهنية البيئة الجغرافية القاسية التي توفر الأمان من أعداء الخارج لكنها لا توفر ما يكفي سكانها فتدفعهم لاجتراح بدائل. والبديل في حالة مكة مثلا كان التجارة، ولا تختلف بيئة مكة كثيرا على بيئة جمهوريات إيطالية بحرية مثل أمالفي والبندقية التي اعتاش أهلها أيضا على التجارة.