ايام النوافذ الزرقاء عادل عصمت أدب عربي•دراما كتابة القصص وبناء الأعشاش : تأملات في فن الكتابة•أيام عادية•جنازة السيدة البيضاء•مخاوف نهاية العمر•ناس و أماكن•حالات ريم•الوصايا•صوت الغراب•حكايات يوسف تادرس

أندروميدا•تحت خط الحياة•صوفي - حكاية الحكايات•عاصفة في الفص الأمامي•أيان•الباذنجانة الزرقاء•بروكلين هايتس•الخباء•ويلات الهيمنة•الهامش•بالوكالة عن الغيب•حسبتك من أهلي

ايام النوافذ الزرقاء

متاح

القارئ للرواية سيصدمه ذلك الشكل الجديد الذي انتهجه عادل عصمت في وجود الذات الساردة.. فالتناثر يكاد يكون سمة رئيسية ينطوي على تفصيلات صغيرة(كل تفصيلة لها قيمة وضرورة للوصول إلى الذروة التي يعد لها .. وكل حدث هو درجة في سلم الوصول إلى اللحظة المرتقبة ) ص58 هي دوائر إذن متعمدة ومبعثرة تضيء ولا تضلل .. تدفع إلى التفكير في جوهر الأشياء لا ظاهرها ..ترتكز على تداخل الأزمنة ومفارقات الأمكنة وتوازى المصائر.. وتتخذ موقفا اجتماعيا سياسيا مع شخصياتها .. هذه الدوائر الجزئية تتشابك فيما بينها لتولد دائرة أكثر اتساعا ..لا كليه وإنما لا متناهية عبر علاقتها بحركة الواقع / العالم ..وتطرح الكثير من الأسئلة حول اللا يقين في فهمنا للوجود .. ما الذي يجعلنا متيقنين على هذا النحو الساذج من وجودنا في العالم وان من رحلوا غير موجودين؟ أليست الصور القديمة لحياتين أكثر عقلانيه واشد التصاقا بمشاعرنا عن الموت ؟ وهى بذلك تدخل في نطاق التجريب لكونها تضيف جديدا على صعيد البنية.. بنيه الدوائر .. كما أنها ترصد أزمة المصير في وجودنا المعاصر الدائرة الأولى /العنوان أيام النوافذ الزرقاء على الرغم من طبيعته الخادعة في تكوينه الناقص إلا انه يحملك حملا إلي زمن أخر .. زمن ولى .. زمن موصوف بنوافذه الزرقاء (كانت البلد في حالة حرب وقد دهنوا النوافذ باللون الأزرق) ص35 وكأنه يرفع أمام عينيك تلك الأيام لتتفحصها وتقارن بينها وبين ما تعيشه الآن ..بين حاله الحرب والحياة فيها وحاله اللا حرب واللا حياة هذا التعارض المدفوع إليك يسهم –بلا جدال –في خلق حالة جدل دائم بين الذات وعلاقتها بالأخر وبالعالم (كل شيء عندما نتفحصه يزداد وضوح ومتعة )ص49 .. وهى تسعى إلى وجودها –حياتها –مرتبطة بحياة محيطها كما يشير العنوان إلى الإطار الزمني وارتباطه بالمكان رغم تنوعه .. وكأن الزمن المعنى وتنوع المكان توحي بأن الذات الباحثة عن وجودها لا تزال عاجزة في خضم الغربة والتفتت والانكسارات على تردى وضع الذوات عموما في محيطنا العربي .. وتمثل صرخة احتجاج –في هدوئها الظاهري وانسيابها السردي –على وضعنا وحياتنا الآنية في ترهلها وتفتتها واستمراريتها الدائرة الثانية /البناء تتألف رواية أيام النوافذ الزرقاء من مائة وسبع وعشرين صفحة من القطع المتوسط .. وتتكون من ومضات لا يخضع ترتيبها لأي منطق غير منطقها الذي لجأت إليه في بنائها الروائي حيث اعتمدت بنية الاسترجاع المتقطع فقام بنيانها علي سارد إشكالي لا ينفي وجوده بل يؤكده بالبحث عن الآخرين ووضعهم في الواجهة .. ولا نظن أن الذات الساردة واحده رغم ما يصلنا من ذلك ولكنها متعددة : فنرى السارد الأصلي الذي يتماهى في السارد الطفل وأحيانا نرى صوت الخال محمود وصوت الجدة وصوت الخالة سميرة وصوت سامي ابن أم نوسه وصوت أم عايدة وسمير وصوت عبده الأصيل وصفيه وإذا اعتبرنا هذه الومضات مشاهد فأنها بتجاورها وتفتتها وتبعثرها تشكل بنية الدوائر في كون راويها منسقا واحدا يتنقل بين الزمان والمكان رغم التباعد .. ويتماهي في كل الأصوات / الذوات وكأنما يتكون أو يتشكل منها جميعا وهذا ما يجعلنا نصفه بالسارد الإشكالي .. كما أن اعتماده علي تواريخ وحوادث بعينها مثل وقف وإطلاق النار ومبادرة روجرز وزيارة عبد الناصر لروسيا وإضرابات عمال حلوان عام 75 وأحداث يناير عام 77 يجسد لنا البعد الجدلي فيما يبنيه وجعلت الحضور التاريخي للشخصيات مرتبطة بالحضور الحقيقي للزمان والعصر والمكان ومن هنا كشف التصدع الذاتي والجمعي الذي يمثل جوهر الأزمة الدائرة الثالثة / عالم الرواية تقف أيام النوافذ الزرقاء عند فترة حرب الاستنزاف وتتغيا تفسير الظواهر العادية في أزمتنا الوجودية عبر رحلة التذكر لذات اغتربت خمسة عشر سنه في تلك المدن التي تشعر بأنها مرسومة بالطباشير علي الحائط .. ذات مأزومة تحاول القبض علي الحياة – حياتها – عبر سعيها في الوجود .. لذا تتناثر أسئلتها وإجابتها ربما الحياة أن نقرر الأيام صــ8 وهل الحياة غالية إلي هذه الدرجة صــ42 وماذا تعنى الحياة صــ89 ولا أظن أن البيت لا يتراءى لهم مثلما يتراءى لي صــ90 .. هذا الحنين إلي البيت / الحياة يشكل عالم الرواية تبدأ الرواية هكذا : ( الآن هنا في تلك المدينة الخليجية يمر اليوم وراء الآخر .. أخمن تقريبا ملامح ما سيحدث غدا وفي الأسبوع القادم والشهر القادم .. وأحيانا يخيل إليّ أنني أري طريقه موتى .. سوف ارقد علي الكنبة في بيت جدتي .. هناك في المدينة التي نشأت وتربيت فيها ) صــ7 انظر منذ البداية العلاقة الجدلية بين الآن هنا .. وهناك والمراوحة بينهما تأخذ شكل الاسترجاع او التذكر في سعيها للإجابة علي ( ما الذي أعاق حياتي عن الجريان وجعل منى شخصا لا ينتظره شيء ) حالة التأزم هذه تبدو وكأنها المحور الذي ارتكز علي بيت الجدة الذي بدورة يشكل المركز الذي تدور حوله وفيه الشخصيات جميعها وتتوالي التفصيلات الصغيرة التي تشكل كل واحدة منها دائرة تدور في فلك المركز فيتكشف أمامنا العالم بأسره من ألمانيا مع نبيل إلي كندا مع محمد وأفراح إلي الشارقة مع الراوي إلي طنطا مع الجد والخال محمود الدائرة الرابعة / التفصيلات تلعب التفصيلات الصغيرة الدور الأكبر في إبراز المشهد الكلي علي الرغم ما يوهمنا به عادل عصمت من هشاشة المركز المتمثلة في أزمة اغتراب الراوي وسعيه الحثيث للقبض علي الحياة ( بعد هذا العمر قد تبدو هذه الأفكار هشة لكي تشكل سببا كافيا لان يظل المرء وحيدا في مدينة غريبة بعد تجربة زواج لم تستمر غير عام وميل أن تستمر الحياة كما هي يوما بعد يوم والتسليم بأنها قد صبت في قالب من الصخر ولا يمكن التحرك بعيدا عن مسارها ) صــ93 علما بأن هذه الهشاشة هي العمود أو المكون في ملامح الشخصيات فبدونها لا تظهر الصورة كاملة ولنأخذ مثلا علبة الخياطة للجدة صــ22 وكيف ساهمت في استكمال صورتها .. أو اعتناء محمود بالمكتبة كبداية لاكتشاف نفسه صــ31 أو رمى محمد لنفسه من فوق درابزين السلم في التأسيس لعناده صــ43 أو حكاية سامي الذي عاد من الحرب عام 67 صــ54 للوقوف علي مدى تأثير ويلات الحرب بعد

تعليقات مضافه من الاشخاص

كتب لنفس المؤلف

صدر حديثا لنفس التصنيف

الاكثر مبيعا لنفس التصنيف